أنا عايزة اتوجه بالتحية الى ايجيبشيانا علي البوست بتاعها اللي الهمني كتير خصوصا إنه جه بعد ما أنا كتبت عن كافيه صبابا. ف البوست بتاعها، ايجيبشيانا بتطرح أسئلة كتيرة أثناء محاولتها إيجاد تعليق مناسب علي صورة لبنتين بيتمشوا ع البحر, واحدة منهم لابسة مايوه بكيني والتانية لابسة جلابية وحجاب
أنا كنت ناوية أكتب عن موضوع تصنيف المرأة ف مجتمعنا، وإزاي التصنيف دا بياخد شكل التضاد او القطبية. يعني الستات بيتشافوا يا أبيض يا اسود، مفيش إختيار تاني. لو الست مش بينطبق عليها تعريف المجتمع "للأبيض" يبقي هي أكيد "اسود". مفيش أي وجود لإحتمالات تانية أو حتي لون "رمادي". الست يا تكون قديسة يا تكون عاهرة .. يا تكوني زوجة يا تكوني بتدوري علي زوج .. ياتكوني خجولة يا تكوني بجحة .. يا تكوني ملاك يا تكوني شطان .. إلي أخر قايمة الحاجات المتضادة
أشهر مثال علي التقسيم القطبي دا للستات اللي بقي منتشر جدا اليومين دول، هو اللي بيفترض إن البنات اللي مش محجبات البديل الوحيد ليهم هو إنهم يلبسوا بكيني! .. متستغربيش لما تسمعي التفكير المشوه دا. ف الحقيقة محدش بيخجل لما بيعلنوا بكل فخر إن المتناقضات دي هي الإختيارات الوحيدة المتاحة للستات .. يا الحجاب يا البكيني. عشان كدا لما تيجي تناقشي حرية إختيار المرأة في لبس الحجاب، ف الغالب هتلاقي حد بيسأل بكل ثقة: "يعني إنتي عايزة إيه؟ عايزة الستات يلبسوا بكيني؟
بالنسبة لناس الموضوع ممكن يكون كوميدي .. نكتة سخيفة. أو إن اللي بيقول الكلام دا مش بيتكلم جد. بس تقدروا تتخيلوا إن ناس كتير مصدقين إن دا كلام جد جدا! مش بس كدا .. الإعتقاد دا هو اللي كون الصورة العامة للمرأة في مصر. ف الحقيقة، السبب ورا الزيادة الكبيرة في أعداد المحجبات ف مصر، مش زي أغلب الناس ما فاكرة، ف الواقع هو له دوافع بتربطها علاقة بالطبيعة الإجتماعية أكتر من كونه دافع ديني. اكيد طبعا فيه بنات كتير مقتنعين بالحجاب كنوع من الالتزام الديني وبيقرروا يلبسوه لاسباب ذاتية مش مظهرية, لكن برضه فيه كتير (أنا بقول كتير) من البنات الصغيرين اللي بيلبسوا الحجاب مش ملتزمين بالصلاة اليومية (اللي هي تاني ركن من اركان الإسلام، في حين إن الحجاب اللي هو غطاء الرأس ذكر في حديث واحد فقط وهو حديث ضعيف). طب ازاي يبقى الحجاب أهم من الصلاة؟ السبب هو ان الستات المسلمات بيصلوا ف البيت .. نادرا لما تلاقي واحدة بتصلي ف الجامع. الصلاة حاجة شخصية بين البنت وخالقها .. بتمارس بعيد عن عيون الناس .. لكن الحجاب هو ممارسة عامة، بيعلن للمجتمع إن البنت اللي بتلبسه بتنتمي لمجموعة اللون "اﻷبيض". والإنتماء للمجموعة ذات اللون اﻷبيض ليه مميزات كتيرة. من غير ما أفسر اكتر، أقوى ميزة هي إنك تبعدي عن المجموعة التانية ف النظام القطبي, البلاك ليست, بإنك تعلني للناس انك ملاك طاهر. ودا مش عيب.. إنتي بتحمي صورتك العامة قدام الناس .. بتبعتي رسالة واضحة إنك مش من ضمن المجموعة التانية .. إنك مش العاهرة اللي بتلبس البكيني. دا ف حد ذاته ميزة وفايدة عظيمة. فيه بقى مميزات ثانوية زي: القبول والإحترام ف المجتمع، هتكسبي إعجاب الرجالة، هتزودي فرصك في سوق الجواز، هتكسبي ثقة عيلتك، نسبيا هيكون عندك حرية أكبر، هتكوني منسجمة مع المجتمع النسائي العام ... الخ
لما الستات بتتجاوب بالطريقة دي نتيجة للضغط من مجتمعنا الأبوي اللي بيحاول يفرض نظام أخلاقي بيعتمد علي النظرة الاحادية والمظهر الخارجي , هما ف الواقع بيدوا النظام دا مصداقية كبيرة .. أو أقدر أقول إنهم هما اللي صنعوا النظام دا وحولوه لواقع. بعد كدا ستات أكتر وأكتر بيبلعوا الطعم .. وأكتر بيبقوا مجبرين علي الإلتزام بالنظام. لغاية ما صحينا ف يوم، ولأول مرة ف تاريخنا، عشان نلاقي البنات الصغيرين.. اﻷطفال.. لابسين حجاب!! طفلة لابسة حجاب؟
ليه طفلة تتحجب؟ وليه فيه ناس بترحب بالحكاية دي وبيعتبروها حاجة إيجابية؟ لأ وفيه اللي بيخلوا اطفالهم يلبسوا نقاب كمان!! هو دا مش إغتيال لبراءة الأطفال؟ مش دا فيه اعلان ضمني إن اﻷطفال يعتبروا مصدر إغراء؟ ليه بعد كدا الناس دي بتستغرب لما بيحصل إعتداءات وتحرشات جنسية علي اﻷطفال (ومن الجنسين)؟ هما اللي عملوا كدا .. هما دخلوا الأطفال وسط نظام الكبار. هما مش زعلوا لما وزير التعليم حاول يحط قانون لمنع حجاب البنات ف المدراس الإبتدائية! هل الكبار دول فاكرين إنهم هما بس اللي شايفين طفلة ف ابتدائي مغرية جنسيا؟ .. أكيد ﻷ .. فيه المرضى اللي بتدعمهم الممارسات الملتوية دي. اللي بيعتدوا علي اﻷطفال اكيد سعداء جدا بطريقة تفكير الاهالي دول .. لان دا بيديهم عذر لمرضهم. أدي أهل البنت العيلة الصغيرة بيعلنوا إن بنتهم مغرية! ليه بعد كدا مش بيعتبروا المعتدين والمتحرشين دول ضحايا, مقدروش يقاوموا الإغراء اللي ف اﻷطفال دول؟ ليه مش بيعتبروا دا عذر ليهم، زي ما بيدوروا علي تبريرات وأعذار للرجالة اللي بيغتصبوا الستات؟
إستنوا لسه فيه كمان .. خلوني أحكيلكوا قصة مأساوية تانية. من مدة إتصدمت لما شفت بنات من اللي شاركوا ف اﻷولمبياد الخاصة اللي فاتت وكانوا لابسين الحجاب!! أيوة والله كدة.. بنت معاقة ذهنيا, يعني ساقط عنها التكليف, ولابسة حجاب. أنا إنزعجت جدا ومكنتش مصدقة عيني .. إيه اللي بيحصل دا؟ دول بنات ربنا نفسه إستثناهم من كل فروض الدين. دول مش بيقدروا يحددوا أي حاجة لنفسهم، يبقي أكيد مش هما اللي قرروا يلبسوا الحجاب. دا تعدي واضح علي حقوق الإنسان! إزاي حد يقدر يشوف حاجة زي كدا وميتضايقش؟ هل منطقي إن البنات اللي بيتولدوا بمرض داون يتحملوا مسؤلية عدم تغطية شعرهم؟ هل المفروض يتم إعتبارهم مصدر إغراء؟ هل الناس هتعتبرهم مسؤلين لو إتعرضوا لتحرشات جنسية؟ وهل الحجاب دا هيحميهم من حد معندوش أي رحمة ولا تقدير لحالتهم؟ اللي هيغتصب واحدة معاقة ذهنيا ده, هتمنعه حتة قماش؟ حد يجاوبني قبل ما أتجنن؟ إيه اللي بيحصل دا؟ .. ليه دماغ الناس وصلت للمرحلة البشعة دي؟
كل دا دليل علي إن فكرة النظام القطبي بقت هي القاعدة العامة ف التعامل مع المرأة بالنسبة لأغلب الناس. عشان كدا أنا مثلا مش بقدر أشتري ملابس لنفسي ف موسم الصيف .. تعرفوا ليه؟ عشان كل لبس البنات الموجود مخصص للمحجبات أو لعكسهم .. للبنات اللي بتمشي ف الشارع بالبكيني! واضح إن مصممين اﻷزياء إلتزموا بالنظام وهما بيصمموا ملابس الستات. دا اللي حصل معايا لما نزلت أشتري لبس ف الصيف ولمدة 3 سنين متتالية. أول سنة، 3/4 من اللبس المعروض طويل وبأكمام طويلة. تاني سنة، حوالي 90% من اللبس للمحجبات. تالت سنة، ملقتش ولا حاجة واحدة بكم قصير
البياعة: أي خدمة يا أنسة؟
أنا: أيوة .. من فضلك، أنا بدور علي حاجة بأكمام قصيرة لو ممكن تساعديني؟
البياعة: أكمام قصيرة؟ .. أنا أسفة بس الموسم دا كل اللبس بأكمام طويلة
أنا: أيوة .. أنا واخدة بالي. وكمان القماشات كلها سميكة وتقيلة .. هو إحنا عايشين ف موسكو ولا إيه؟ ولا أنا الوحيدة اللي بحس بحر الصيف ف مصر؟
البياعة: أقولك .. أصل أغلب الزباين هنا محجبات .. بس إنتي ممكن تقصي الكمام لو تحبي
أنا: دا عشان أنا مش من الزباين بتوع المحل يعني، طب والقماش؟ ولا إستني .. أنا هخمن .. أكيد هتقوليلي أجيب القماش اللي أحبه وأفصله
أنا: أيوة .. من فضلك، أنا بدور علي حاجة بأكمام قصيرة لو ممكن تساعديني؟
البياعة: أكمام قصيرة؟ .. أنا أسفة بس الموسم دا كل اللبس بأكمام طويلة
أنا: أيوة .. أنا واخدة بالي. وكمان القماشات كلها سميكة وتقيلة .. هو إحنا عايشين ف موسكو ولا إيه؟ ولا أنا الوحيدة اللي بحس بحر الصيف ف مصر؟
البياعة: أقولك .. أصل أغلب الزباين هنا محجبات .. بس إنتي ممكن تقصي الكمام لو تحبي
أنا: دا عشان أنا مش من الزباين بتوع المحل يعني، طب والقماش؟ ولا إستني .. أنا هخمن .. أكيد هتقوليلي أجيب القماش اللي أحبه وأفصله
البياعة: أنا أسفة يا أنسة، دا كل اللي موجود عندنا دلوقتي. بس فيه محل، مش بعيد عن هنا، ممكن تلاقي فيه اللي بتدوري عليه
أنا: أنا عارفة إنك ملكيش ذنب .. أنا بس عايزاكي تبلغي الإدارة إنهم خسروا واحدة من زباينهم النهاردة
أنا: أنا عارفة إنك ملكيش ذنب .. أنا بس عايزاكي تبلغي الإدارة إنهم خسروا واحدة من زباينهم النهاردة
رحت للمحل اللي قالتلي عليه. المعروضات شكلها غريب .. بس قولت أنا مش هخسر حاجة
أنا: مساء الخير .. أنا بدرو علي حاجة بكم قصير وتكون معاها جيب أو بنطلون
البياعة: تحت أمرك .. عندك المجموعة دي إختاري منها اللي يعجبك
(بعد ما قلبت الأرفف والشماعات وأنا حاسة بيأس)
أنا: لوسمحتي، أنا مش بدور علي لبس للبحر. أنا بدور علي حاجة للشغل. وكمان متهيألي مفيش حاجة من الحاجات دي مناسبة لأي ست ناضجة. ف الغالب دا مناسب للبنات المراهقين
البياعة: لا مش صحيح خالص يا أنسة .. دا فيه زباين محجبات بيشتروا اللبس دا
أنا: زباين محجبات؟ ليه، هما خلصوا كل المحلات التانية ف البلد؟ وإزاي يعني يلبسوا اللبس دا؟ بيلبسوه ف البيت؟
البياعة: ﻷ، بيلبسوه ف الشغل وف الجامعة ... ف كل حتة. أنا أفهمك.
(مسكت شماعة عليها حاجة عبارة عن توب بحمالات وجيب فوق الركبة بكتير)
شوفي؟ البنت المحجبة بتلبس دا وتحته بدي بكم طويل وبنطلون
أنا: #%*@**؟!!!! طب ليه التعب دا كله وفيه محلات كتير بتعرض لبس معمول مخصوص عشانهم؟
البياعة: فيه بنات صغيرين بيبقوا عايزين يلبسوا حاجات تحدد جسمهم، واللبس الواسع السميك مش بينفعهم
أنا: آه .. يعني هما عايزين يغطوا شعرهم وف نفس الوقت يلبسوا حاجة تحدد جسمهم .. إيه الجمال دا! .. طيب، اللي بقي عايزين يلبسوا حاجة معقولة؟ يروحوا فين؟
البياعة: ليه متجربيش.. (وشاورتلي علي المحل اللي كنت فيه من شوية
أنا: أنا كنت هناك وواحدة من البياعات اللي هناك هي اللي قالتلي علي المحل بتاعكوا. كل اللبس اللي هناك هو عكس اللبس اللي عندكوا تماما
البياعة: متهيألي اللي بتدوري عليه دا صعب تلاقيه
أنا: واضح!!!!!!! .. أنا بقالي اسبوع بادور
البياعة: إنتي ممكن تروحي لخياطة وتعملي اللي إنتي عايزاه
أنا: شكرا .. أنا كان المفروض أعمل كدا من اﻷول. واضح إننا بقينا فصيلة منقرضة ومبقوش بيعملولنا لبس جاهز
البياعة: متهيألي اللي بتدوري عليه دا صعب تلاقيه
أنا: واضح!!!!!!! .. أنا بقالي اسبوع بادور
البياعة: إنتي ممكن تروحي لخياطة وتعملي اللي إنتي عايزاه
أنا: شكرا .. أنا كان المفروض أعمل كدا من اﻷول. واضح إننا بقينا فصيلة منقرضة ومبقوش بيعملولنا لبس جاهز
متهيألي إن الخطوة العظيمة اللي جاية هتبعد الستات جدا عن بعض ف الإتجاهات المتضادة. لو دا حصل، مش هستغرب لو المقارنة بقت أعنف من كدا بكتير. ف الغالب النظام القطبي ف المستقبل هيدي للست إختيارين ..يا تلبس نقاب ..يا تلبس بكيني قطعة واحدة! والمعضلة اللي هتقابل البنات هتكون "ألبس أو لا ألبس, تلك هي المشكلة". دي خيبة ايه دي؟