Saturday

هي والبرلمان




بعد كل ما كتب في موضوع الكوتة للمقاعد الخاصة بالمرأة في مجلس الشعب، بين مؤيد ومعارض ومتهكم ومستنكر ومتحمس ومتوجس وخلافه.. دا غير الكاريكاتير اللي يجيب نزلة معوية حادة، ليس فقط بسبب ما تعكسه من رجعية وعنصرية، ولكن أيضا من كمية تقل الدم.. وبعد برامج الثرثرة المسائية اللي مسمينها "التوك شو" اللي خصصت فقرات لمناقشة الموضوع بسطحية وسذاجة ومقاطعة والذي منه.. بعد كل ده، ما اخبيش عليكم يعني، جالي حالة ذهول اكتئابي

الذهول الاكتئابي ده تشخيصي أنا للحالة اللي بتصيبني كل ما اتابع ردود الأفعال على أي قضية تخص المرأة تطرح على مجتمعنا الذكوري المبجل. الحالة باختصار زي ماهو مفهوم من اسمها، هي مزيج من الذهول والاكتئاب اللي بيهجموا عليا دفعة واحدة، فلا مجال لالتقاط الانفاس بين مرحلتي الذهول والاكتئاب

شوفوا بقى.. موضوع الكوتة ده شيء مهين جدا، وهو ادانة للمجتمع الذي يفرز مثل هذه القوانين باعتباره مجتمع متأخر، أعمى، متطرف، عنصري، فاقد للوعي، ناقص الأهلية.. ومش هأكمل أكتر من كدة، كملوا انتم

السؤال اللي لازم نسأله هنا هو: لماذا يلجأ المشرع للكوتة بالرغم من أنها تتعارض بشكل واضح مع الدستور الذي يساوي بين كل المواطنين في الحقوق والواجبات؟ الاجابة اللي الكل بيهرب من مواجهتها، أو في أفضل الأحوال بيلتف حولها هي إن افراد المجتمع بيمارسوا التمييز والاضطهاد ضد بعض، الشيء اللي بيدمر مبدأ المساواة والمواطنة. يبقى الحل هو تدخل يد عليا، تمثل السلطة الأبوية التي تتعامل مع شعب من القصر والمغيبين

هنا فيه سؤال بيفرض نفسه ولا يمكن الهروب من مواجهته، بالرغم من حرص وسائل الاعلام على اغفاله تماما اثناء طرحها للموضوع. السؤال هو: وماذا عن الديمقراطية؟

طبعا محدش عنده الشجاعة إنه يواجه الحقيقة المرة اللي واضحة زي الشمس قدام عنينا.. شعب مش عارف يعيش مع بعضه أصلا، وعايش حالة من البدائية الفكرية والقبلية المجتمعية، هيحكم نفسه إزاي؟ دا انت بخلان بصوتك على المسيحي لأنه مسيحي وعلى المرأة لأنها مرأة مع إنهم مواطنين مصريين ولهم مصلحة في النهوض بوطنك زيك بالظبط ويمكن أكتر. كل واحد عامل ديكتاتور في بيته ورافض الدكتاتورية في الحكم! يا سيدي! طب بالذمة احنا بنضحك على مين بالظبط؟

مش مصدقيني؟ طب شوفوا أول اسبوعين بعد تطبيق قانون المرور الجديد إيه اللي حصل في الشوارع.. وأول ما غاب النبوت رجعت ريما لعادتها القديمة. الثقافة اللي يتتحكم فينا هي اللي افرزت الواقع ده. واللي بيحكمونا دول بشر، وهم نتاج نفس الثقافة. والباشا اللي بيقرا كلامي ومش عاجبه، لو جه حكمنا بكرة هيعمل نفس اللي بيحصل انهاردة لأنه اتربى على كدة. يقعد مستكين ومطاطي طول ما العصاية في ايد غيره، وأول ما يمسكها اوعى وشك

أنا كان ممكن أرفض اهانة الكوتة اللي بتحرم المرأة اللي بتمثل الشعب في البرلمان من احساسها الطبيعي في المساواة، واللي من الممكن يؤثر سلبا على ادائها البرلماني بالطبع. لكن كنت أرفض في حالة واحدة بس، لو كان المجتمع ده فيه ولو نسبة معقولة من العقلاء والأسوياء نفسيا، نسبة تعطي الأمل في التغيير الايجابي ولو بعد عمر طويل.. إنما للأسف، دا غير متحقق بالمرة في المجتمع المصري حاليا، والمرأة مش بريئة من اللي وصل إليه الوضع. لكن زي ما حصل في القضاء على أمل إن الاعتياد على وجود المرأة على منصة القضاء يدفع المجتمع لتقبل هذا الواقع الذي يفرضه العصر، لازم كمان أقبل بالكوتة عشان آخد فرصتي وأثبت بطلان كل المزاعم التي تشكك في جدارة المرأة بهذا الموقع

واللي لا عاجبه ينتخب ست ولا عاجبه الكوتة يا ريت والنبي ينقطنا بسكاته ويفضها سيرة في موضوع الديمقراطية دي. ياخي اتلهي واختشي على دمك. بقى اللي رافض يعترف بحق نص تعداد البلد، له عين يطالب بديمقراطية ومهلبية؟