Tuesday

يا مسكين



فيه نوع من البشر لما تقابله لا يثير فيك سوى مجموعة من الاحاسيس السلبية، ولو إن نظريا المفروض تكون دي ظاهرة نادرة، لأنك في بداية تعارفك على أي شخص بتحاول دايما تتلمس كل ما هو ايجابي فيه. يعني حتى الموضوعات اللي ممكن اختيارها لجذب أطراف الحديث بتكون في أغلبها سطحية ولا تتطلب من الذي تحادثة أي مهارات خاصة في التكلم أو التفكير أو التحليل. إحنا كبشر كائنات اجتماعية بطبعها وتميل دوما للبحث عما يجمعها ويحدث نوع من التوافق بينها.

لكن لما تتأمل معايا النموذج الآخر، تلاقينا عادة بننسب فشلنا في التجاوب الايجابي مع شخصية ما على إنه نوع من غياب الكيميا! ما احنا أول ما نتزنق بنحول علمي على طول، لأن للأسف ثقافتنا لم تسمح لنا بممارسة التفكير العلمي وفشلت في ادراجه داخل عقولنا، فالعلم عندنا بقى زي الطلاسم، يتدخل فقط حين نفشل في ايجاد رؤية جاهزة مسطحة لتفسير ظاهرة ما.

ما علينا.. نسيبنا من التفكير العلمي الساعادي. وخلينا نرجع للنموذج الغريب اللي كنت باتكلم عنه.. وهو الشخص اللي تقعد معاه 5 دقايق ومع ذلك يترك فيك انطباعات سلبية لا حصر لها. في هذه الحالة بتتدرج احاسيسك تجاهه ما بين مجرد درجة من عدم القبول إلى النفور التام. وهنا فيه نوعين من رد الفعل: يا إما الاشارات السالبة دي هتخليك توصل بسرعة الصاروخ لآخر الخط وترفضه تماما، يا إما تحاول توجد فرص أخرى للتواصل. وأنا عن نفسي دايما أميل إلى الوضع الأخير. بأدي فرص كتييير جدا للي قدامي واحاول أفسر كل افعاله واقواله على أحسن ما يكون. بس بالرغم من ده، فيه حالات بتكون ميئوس منها، وكل ما حاولت تمنحها المزيد من الفرص كل ما اصابتك بالاحباط والضيق! لكن الغريب لما تبقى مشاعرك تجاه هذا الشخص مختلطة بشكل عجيب بنوع من الشفقة. ودا اللي بيحصل معايا غالبا.. يمكن عشان دايما بحب أبحث عن الدوافع وعن تفسيرات منطقية حتى في تصرفات تبدو في قمة الجنون! عايزة أفهم هو إزاي بقى كدا؟.. على رأي إعلان الجبنة الشهير اللي كان بيجي زمان في التليفزيون

أكثر ما يثير داخلي هذا الاحساس بالشفقة هو عندما أتحدث إلى شاب في مقتبل العمر وأكتشف أنه قد قرر مع السبق الاصرار والترصد أن ينهي عمل هذا العضو الكامن في تجويف جمجمته ليسير في الدنيا بأفكار جده ويمكن جد جده! وكل انطباعاته عن العالم هي مجموعة من المسلمات والأحكام المسبقة التي لا يوجد لها أي سند أو دليل عقلي أو منطقي.. هي كدة.. يا أبيض يا أسود!

وهناك النوذج سليط اللسان.. ودا مش دايما بيكون نتيجة لانحطاط الشخص نفسه أو سوء تربيته، وإنما بفعل التنشئة المجتمعية والثقافة الغالبة وشيوع العنف. فتلاقي الواحد من دول معندوش أي فكرة عن شيء إسمه الاتيكيت، وممكن يعتبر دا حاجة فافي يعني، لا تليق بشاب رجولة فرحان بنفسه زي أخينا.

وفيه بقى اللي فاكر الرجولة هز كتاف، مش أدب خالص.. ويمكن تكون من مقومات الرجولة إنها تكون قليلة الأدب كمان. ودي فكرة شايعة جدا. وتلاقي صاحبها كريم أوي في إنه يعلن عن هذه النزعة كصفة أصيلة فيه، يظنها تعلن عن هويته الذكورية وتؤكد عليها ولو بنوع من الفجاجة التي لا يمكن أن تتمالك نفسك أمامها من الضحك. الصراحة بيبقى عامل زي الأراجوز. أينعم اراجوز دمه تقيل، لكن من كتر ما انت مش قادر تتخيل إزاي واحد يبقى فاقد الاحساس بالصورة أو الانطباع اللي بيتركه عند الغير بالشكل ده، بتضحك غصب عنك.

لما واحد مثلا يكون معمي تماما عن الخلفية الفكرية اللي أنا باتكلم منها، ومش شايف فيا غير إني واحدة.. بنت في الآخر روحت ولا جيت يعني.. وكل ما يلح عليه هو إنه يقول جملة يؤكد فيها إنه "راجل"، حتى لو كان من النوعية اللي أنا بانتقدها واللي رجال كتير بينفروا منها.. دا بذمتكم أزعل منه؟ ولا أضحك عليه؟ ولا أشفق عليه؟

ومن ألذ الجمل الاكلاشيه الكلاسيكية التي يتعلمها الطفل الذكر في المهد لتلازمه طول حياته.. "الست ست والراجل راجل".. ههههههه.. والتي حين اسمعها يكون وقعها علي في كل مرة كأنها المرة الأولى. حالة من الذهول من قدرة مثل هؤلاء من أشباه البشر على إعادة انتاج نفس العبارة الجوفاء دون لحظة تأمل! مش ممكن يا جماعة بجد! تخيل لما آجي أقولك "الوزة وزة والبطة بطة"، هتقول عليا إيه؟ ههههههه.. تخيل بقى لو زيادة تهذيب منك قررت إنك تطول بالك وأصريت تكلمني بالعقل، وتقولي مثلا "بس الاتنين طيور".. أقوم أنا بمنتهى التناحة أقولك "لأ معلش. بس برضه.. الوزة وزة والبطة بطة.. دي مفيهاش كلام دي". هتعمل إيه؟

عن نفسي، كل ما يتركه هؤلاء داخلي هو احساس جارف بالشفقة. وبدل ما أعمل زي أصالة وأقوله "يا مجنون".. بقول في سري "يا مسكين". وفعلا من جوايا بأكون متعاطفة مع هذا الشاب المغيب اللي أكيد تكوينه النفسي مليء بكمية هائلة من التشوهات التي تحتاج عمرا بجوار عمره لازالتها، دا إن هو اقتنع بوجوب ذلك من الأساس. فمنهم للأسف من يحكم على عقله وانسانيته بالاعدام، مفضلا القبوع في نفس المستنقع المألوف عن الخروج لاستطلاع الحقيقة الغائبة عنه والتي وحدها تستطيع أن ترتقي بحالته البشرية وتمنحه احساسا فعليا بقيمة الذات.. قيمة حقيقية مستحقة، وليست وهما مكتسبا، كوهم التفوق الطبيعي على الانثى.

شيء جميل إني أحس إني اتولدت مسعود. فكرة الحظ والصدف اللي بتمنح مزايا للشخص بدون أي سعي أو مجهود أكيد فكرة لذيذة ولو أنها كاذبة. لكن من العار إني آخذ من ذلك مصدر فخر أو زهو.. ومن العار الأكبر أن أتخذ من ذلك ذريعة للتحقير من الآخر أو اشعاره بالدونية. ممكن إنت تكون عايش هذا الوهم الجميل.. وهم أن الأفضلية هي قدر يحدد في لحظة الولادة؛ فمجرد ولادة الطفل ببشرة بيضاء قد اعطته حقا مكتسبا في استعباد ذوي البشرة السمراء، وبنفس المنطق يصبح لمن ولد غنيا الحق في استغلال من ولد فقيرا، وهناك من السذج من يطبقون نفس هذه الترهات على العقائد والأديان بالرغم من أنها قناعات ايمانية لا تمنح بمجرد الولادة.. وكل هؤلاء يعطون لأنفسهم احساسا وهميا بالتفوق والأفضلية على الغير. فترى ما الذي قد يدفع بأي شخص إلى إهانة آدميته على هذا النحو؟ وهل تجدي الشفقة وحدها مع هؤلاء؟

إلى كل المساكين.. تمنياتي بالشفاء العاجل

Sunday

عالم فانتازيا تحتفل بيوم المرأة العالمي



ولأن كل امرأة على وجه الأرض هي امرأة عاملة.. ولأن هذا العالم يدين بوجوده للنساء.. ولأن المرأة لا تتوقف عن العمل لخدمة هذا الكوكب.. وجب الاحتفال والاحتفاء والتكريم والتبجيل لكل امرأة في كل مكان

كل عام وكل نساء وفتيات مصر بخير. كل عام والمرأة المصرية قوية، فاعلة، مؤثرة، مشاركة في نهضة مجتمعها وتطوير بلدها

لنجعل هذا اليوم هو يوم للتوعية بحقوق المرأة ونشر مباديء المساواة وحقوق الانسان. لنحتفل ونتذكر تاريخ تحرير المرأة في مصر والعالم، والكفاح الطويل والطريق الشاق الذي سلكته اجيال من المفكرين والمثقفين والادباء والحقوقيين والسياسيين لكي تنعم المرأة بوجود يحترم آدميتها ويسترد حقها المسلوب في الحياة

لنتذكر دوما أن المرأة هي عماد المجتمع وهي صانعة الحياة وهي نصف تعداد سكان العالم. فليفكر كل ذي عقل قبل أن يهين امرأة أو يحقر من شأنها أو يستهين بدورها أو يحاول وضعها في مرتبة دونية.. فلا يوجد شخص يؤمن بحقوق الانسان ولا يؤمن بحقوق المرأة.. ومن لا يؤمن بحقوق الانسان فلا يستحق ان يكون انسانا

اتمنى أن يصبح يوم الثامن من مارس هو يوم مكافحة الاضطهاد والعنف ضد المرأة.. اتمنى ان نعلن جميعا مساندتنا لحق المرأة في ان تحيا بكرامة، دون ان تتعرض لعنف أو امتهان أو قهر أو اذلال. اتمنى أن نقف جميعا، نساءً ورجالا، يدا بيد، ضد كل مظاهر الظلم التي تتعرض لها المرأة المصرية.. فلنقل لا للامية.. لا للختان.. لا للتحرش الجنسي.. لا للزواج المبكر.. لا لاغتيال براءة الفتيات الصغيرات.. لا لانتهاك حرية المرأة.. لا لقتل المرأة تحت مسمى جرائم الشرف.. لا للقوانين التي تضطهد المرأة.. لا لعدم تولي المرأة المناصب التي تستحقها في العمل.. لا للصورة النمطية الدونية للمرأة.. لا لتشييء المرأة.. لا وألف لا لاستعباد واهدار كرامة نصف البشرية