على عكس ما أغلب البنات بتعاملوا مع الدورة الشهرية .. أنا سعيدة بيها.. أكيد زي كل الستات أنا بكره المغص، التقلبات المزاجية، الصداع وكل الحاجات دي. لكن الفكرة إن أنا وهي كنا زي أعداء وبقينا أصدقاء.
خلوني أبدأ من اﻷول خالص .. لو إنتي بنت يبقي أكيد تقدري تتخيلي التجربة المخيفة لما جتلك البريود لأول مرة. حاجة طبيعية جدا ومع ذلك بشعة .. ماما كالعادة سابتني على عمايا لغاية ما حصل .. وبلغت. كنت خايفة .. إفتكرت إني إتجرحت .. وف المكان اللي كان مش مسموحلي أفحصه أو حتي أبص عليه. لسه قادرة أسمع كل التحذيرات "أوعي تلمسي جسمك ، أوعي تبصي ، نضفي نفسك بسرعة بعد الحمام" لدرجة إني إفتكرت إن الشيطان نفسه عايش تحت هناك وإنه قرر يعاقبني ف اليوم دا.
ماما رجعت البيت عشان تلاقي أكبر مفاجأة ف حياتها .. مكنتش وصلت خمسة ابتدائي وبالفعل بدأت الدورة .. اديتني فوطة صحية .. حتي أنا لسه فاكره اسمها "لولو" .. نفس النوع اللي كانت بتستعمله .. ورتني إذاي أستعملها وخلاص علي كدا. مهتمتش تديني أي تفسير .. إيه اللي بيحصل؟ ليه بيحصل؟ هيحصل تاني؟ المفروض أعمل إيه؟ مقالتش حاجة. سألتها: "ماما، إيه اللي حصل؟" بصت بعيد وكإنها سرحت فجأة.. وبعد شوية قالتلي: "مفيش حاجة، كل البنات عندها دا، متقلقيش".
أنا: عندهم إيه؟ هو إيه دا؟
ماما: اسمها البريود، وهتشوفيها كل شهر
أنا: هي ليه بتحصل؟ والدم دا بييجي منين؟
ماما: كفاية أسئلة، بس استخدمي الفوط اللي إديتهالك عشان تحافظي علي نفسك نضيفة لغاية ما تخلص.
أنا: طب هي هتخلص إمتي؟
ماما: يومين أو تلاته من دلوقتي
أنا: طب ليه محصلتليش قبل كدا؟
ماما: إنتي كنتي صغيرة خالص، إنتي لسه صغيرة بس دلوقتي إنتي بقيتي كبيرة
أنا (بضحك) : يعني أنا كبرت!
(كانت أمنيتي وكل صلاتي لربنا دايما إني أكبر بسرعة عشان الناس تعاملني كأني كبيرة. إفتكرت ربنا حققلي أمنيتي بس ماما معجبهاش إني أضحك ف الموضوع دا.)
ماما (قاطعت حلمي): إنتي بتضحكي علي إيه؟ دي حاجة نجسة .. إنتي مش طاهرة لغاية ما الدورة تخلص .. لازم تاخدي بالك من هنا ورايح.
أنا: أخد بالي من إيه؟ هو أنا مش كويسة؟
ماما: ﻷ مش كويسة .. ف أيام النزيف دي إنتي عيانة والمفروض تقعدي ف السرير.
أنا: بس أنا حاسة إني كويسة ومش تعبانة.
ماما: إنتي ليه دايما بتجادلي؟ .. من كل بنات الدنيا ربنا إداني أكتر واحدة مزعجة.
أنا: أنا أسفة .. أنا بس عايزة أعرف.. خلاص
إتعلمت الدرس .. ودي كانت أخر مرة أسأل ماما علي أي حاجة .. كنت محتارة هي ليه مكانتش مبسوطة ف اليوم دا .. علي عكس بابا اللي فرح وهناني وإداني حضن كبير.
لما رجعت المدرسة .. توقعت إن كل البنات عدو بنفس التجربة .. مش هو دا اللي ماما قالتهولي؟ إن كل البنات عندها .. بس ولا بنت كان عندها أي فكرة أنا بتكلم عن إيه .. ساعتها إتلخبطت .. وبقيت كل ما تجيلي البريود أترعب وأفضل أبص علي لبسي كذا مرة عشان أشوف إذا كان فيه أي بقع. أكيد كان شكلي ف اﻷيام دي مريب .. المهم بدأت أحس بكل المشاعر السلبية المتعلقة بإني كبرت. إني أكبر لوحدي كانت حاجة وحشة .. حسيت إني معزولة .. مكنتش أقدر أجري وألعب مع اﻷطفال ف اﻷيام دي .. كنت بستأذن كتير من المدرسين بتوعي عشان أقدر أروح الحمام .. بدأ يجيلي اﻷلم والصداع اللي خلوني مش بقدر أركز ف الفصل, وكمان جالي إحباط . كرهت نفسي.. كرهت إني كبرت وكرهت الدورة اللي خلتني كبرت. كنت عايزة أرجع طفلة صغيرة .. دا كان أفضل بكتير .. علي اﻷقل مكنتش همشي ب ال "لولو" دي (علي فكرة دا كان أسوأ نوع .. عمره ما كان بيثبت ف مكانه .. نشكر ربنا علي أولويز ألترا بتاعة دولقتي).
بعد سنتين كل حاجة اتغيرت .. معظم البنات كانوا عدوا بالتجربة .. كلهم كانوا فضوليين بالنسبة للي حصلهم. كانت تجربة مأساوية إنك تاخدي الصدمة دي وإنتي ف المدرسة وانتي معندكيش فكرة عن أي حاجة. قليلين اللي أمهاتهم نورولهم الدنيا قبل ما ياخدوا الصدمة .. بس اﻷغلبية كانوا ف التراوة زي .. أغلب اﻷمهات مكانوش أحسن من ماما ف الموضوع دا بالذات. ف الفترة دي إكتشفت إن الدورة حاجة طبيعية بس برضه كان فيه غموض وأسرار.
رحت مكتبة المدرسة عشان أدور علي إجابات لأسئلتي .. وهناك لقيت كنزي: كتاب عن فترة المراهقة. إستعرت الكتاب وفضلت أقرا فيه طول اليوم بعد المدرسة .. معملتش حاجة تاني .. قريته من الجلدة للجلدة .. منمتش ليلتها .. كنت مشدودة جدا .. كإن صندوق بنادورا إتفتح قدامي .. الكتاب إتكلم عن مراحل النمو .. التغيرات النفسية والعاطفية، الحيض، الإستنماء، الهوية الجنسية، كل حاجة كانت بالنسبالي ظلام تام. دا كان اليوم اللي فعلا كبرت فيه .. سبت عالم سمسم ودخلت العالم الحقيقي .. إكتشفت إنه بالرغم من كل التعليم اللي بتعلمه، كل الإمتحانات، المواد الصعبة والدرجات العالية اللي بجيبها .. إكتشفت إني جاهلة. مش بس عندي جهل بالدنيا .. عندي جهل بنفسي. عمري قبل كدا ما فكرت ف حاجات زي مثلا .. إزاي بنكبر؟ (كنت بس بعرف إني كبرت سنة كل ما أطفي الشمع ف عيد ميلادي)، إيه اللي بيحصل لما نكبر ونبلغ؟ إزاي الناس بتتجوز؟ إزاي بيجيبوا أطفال؟ ليه بيجيبوهم؟ إيه الهدف من الحياة؟ إيه هو الشرف؟ وإزاي حد يكون عنده أخلاق؟وأسئلة من دي كتير. فجأة دماغي أتملت أسئلة .. إحتفظت بيها كلها ف دماغي .. مسألتش حد أبدا, وخصوصا الكبار. بقيت مش بثق فيهم .. إكتشفت إن كلهم كدابين .. ف الوقت دا مهتمتش أعرف ليه بيكدبوا .. الناس الكبار الكويسين هما بس اللي بيكتبوا الحقيقة ف الكتب .. الكتب بقت أصحابي المقربين .. عمرهم ما كدبوا علي. (ولسه أصحابي لغاية دلوقتي رغم إني إكتشفت إن فيه كتب بتكدب برضه).
رحت مكتبة المدرسة عشان أدور علي إجابات لأسئلتي .. وهناك لقيت كنزي: كتاب عن فترة المراهقة. إستعرت الكتاب وفضلت أقرا فيه طول اليوم بعد المدرسة .. معملتش حاجة تاني .. قريته من الجلدة للجلدة .. منمتش ليلتها .. كنت مشدودة جدا .. كإن صندوق بنادورا إتفتح قدامي .. الكتاب إتكلم عن مراحل النمو .. التغيرات النفسية والعاطفية، الحيض، الإستنماء، الهوية الجنسية، كل حاجة كانت بالنسبالي ظلام تام. دا كان اليوم اللي فعلا كبرت فيه .. سبت عالم سمسم ودخلت العالم الحقيقي .. إكتشفت إنه بالرغم من كل التعليم اللي بتعلمه، كل الإمتحانات، المواد الصعبة والدرجات العالية اللي بجيبها .. إكتشفت إني جاهلة. مش بس عندي جهل بالدنيا .. عندي جهل بنفسي. عمري قبل كدا ما فكرت ف حاجات زي مثلا .. إزاي بنكبر؟ (كنت بس بعرف إني كبرت سنة كل ما أطفي الشمع ف عيد ميلادي)، إيه اللي بيحصل لما نكبر ونبلغ؟ إزاي الناس بتتجوز؟ إزاي بيجيبوا أطفال؟ ليه بيجيبوهم؟ إيه الهدف من الحياة؟ إيه هو الشرف؟ وإزاي حد يكون عنده أخلاق؟وأسئلة من دي كتير. فجأة دماغي أتملت أسئلة .. إحتفظت بيها كلها ف دماغي .. مسألتش حد أبدا, وخصوصا الكبار. بقيت مش بثق فيهم .. إكتشفت إن كلهم كدابين .. ف الوقت دا مهتمتش أعرف ليه بيكدبوا .. الناس الكبار الكويسين هما بس اللي بيكتبوا الحقيقة ف الكتب .. الكتب بقت أصحابي المقربين .. عمرهم ما كدبوا علي. (ولسه أصحابي لغاية دلوقتي رغم إني إكتشفت إن فيه كتب بتكدب برضه).
فضلت أقرا طول الوقت .. كنت خايفة إن الحياة قصيرة ومش هتكفي إني أقرا كل الكتب الموجودة ف الدنيا عشان كنت عايزا أقراهم كلهم. كرهي للمدرسة أصبح عنيف .. بقيت هجومية وشرسة مع المدرسين بتوعي .. أهملت الدراسة والمذاكرة .. كنت حاسة إني بعيد عن كل دا .. كنت بفضل إني أدور علي كتب عن المواضيع اللي ف كتب المدرسة عشان أقراها. كبرت فعلا وبسرعة كبيرة .. مفيش حاجة وقفتني .. كنت ببص لأي حد كبير ف عنيه وأحس إننا متساويين .. عندي نفس المعرفة اللي عنده/عندها ومحتفظين بيها كإنها أسرار بتفرق ما بينهم ومابين اﻷطفال. ثقتي بنفسي بقت واضحة لدرجة إن كتير إعتبروني متكبرة (عشان كدا مقدرتش أعمل أصحاب جداد، أصحابي القدام هما بس اللي عارفين الحقيقة وأنا قدرت أحافظ عليهم لغاية دلوقتي). بقيت عنيدة .. عشان معتقداتي مبنية علي حقائق حسستني إني واقفة علي أرض صلبة وإن مفيش حاجة تقدر تهزني .. والدي ووالدتي حسوا إني غير محتملة .. نجاحي كان مخليهم مش قادرين يقولوا أي تعليقات سلبية .. وإذا حصل وقالوا كنت بقف أبصلهم ف عنيهم وأقول: " عايزين إيه؟ أنا ابنه مثالية .. عارفة واجباتي كويس.. وأنا أنجح واحدة وسط زمايلي .. إيه تاني؟ إنتوا بس عايزين تتحكموا في وخلاص؟ عايزين تحسوا بمتعة السيطرة وانكم بتخططولي حياتي؟ أنا مش عروسة ماريونيت, وعمري ما هكون". طبعا بعد ما تسمع بنت عندها 13 سنة بتتكلم بالمنظر دا تتخض .. أنا أحيانا كنت بستغرب وبتفاجئ بقدرتي إني أجيب الإجابة المثالية ف مواقف كتير ..
لما كبرت شوية فهمت حاجات كتير .. كل حاجة بقت بالنسبالي قابلة للتحليل. كنت اصغر واحدة عندها كمبيوتر (وقتها يعني) وكنت بقدر أستخدم كل برامجه باتقان تام. أصريت إني أشتغل ف الصيف .. بابا وماما زعقوا شوية وبعدين وافقوا .. لإني كنت مرتبة كل حاجة. دا خلاني أكثر إستقلالية وأكثر ثقة بنفسي. كل الحواجز اللي كانت محطوطة قدامي بدأت تقع واحد ورا واحد. كوني صغيرة ممنعنيش إني أحقق اللي الكبار حققوه .. قدرت أتعلم، أفهم، أشتغل وأكسب فلوس. كوني بنت موقفش ف طريقي .. كنت أفضل من كل الولاد ف عيلتي (وبعض الرجالة كمان). مفضلتش ف السرير ايام البريود .. حتي لما كانت مؤلمة جدا .. معملتش زي البنات اللي بتبالغ في اظهار تعبها. إكتشفت إنهم بيعكسوا الصورة الإجتماعية ولكن ف الحقيقة هما كويسين جدا. كنت باخد حاجة للصداع ومعاه فيتامينات كانت بتخليني طبيعية جدا. إتعلمت فوايد الدورة وإزاي بتعرفني صحتي عاملة إيه. حتي ساعات كنت بستغلها لمصلحتي .. فمثلا كنت بتحجج بيها عشان أهرب من تمرين اﻷحمال ف الجيم. حبيت فكرة إن جسمي بيشتغل ف دورة منظمة تخليني أحس بأدائه. بعرف إمتي روحي المعنوية هتبقي عالية عشان أستغل الطاقة دي .. بعرف إمتي هيجيلي إحباط وبعرف إن مفيش حاجة غلط .. بعرف إمتي يبقى من السهل استفزازي وبمنع دا.
الرجالة دايما بيتريقوا علينا ويقولوا علي الدورة إنها عائق .. بتخلينا تعبانين ومجانين .. بياخدوها حجة عشان يمنعونا نوصل لوظايف ومناصب عالية ف بلدنا .. دا كله هراء وتفاهة!! ليه عمرنا ما بنسمع الكلام الفاضي دا ف الدول المتحضره؟ ليه مش بيقولوا لرئيسة الوزراء: " إنتي إمرأة، يبقي بتجيلك الدورة وبتخليكي تتجنني، عشان كدا متقدريش تحكمينا". ليه إحنا بس اللي بنتكسف من الدورة؟ كل دا موروث ثقافي وإجتماعي ملوش أي علاقة بالواقع. الدورة الشهرية كانت أحد اﻷسباب اللي خلتني أتقدم ف الحياة .. إنتي كمان خليها تساعدك بنفس الطريقة.
البوست بالنجليزية:
All posts are translated by The Alien