Sunday

حواري مع مجلة وسط البلد

حوارنا مع المدونة الرائعة فانتا التدوين

حوار حنان الشريف

ليست مدونة عادية من يدخل مدونتها للوهلة الأولى يعلم مدى ثقافتها ووعيها بكل ما يجرى حولها من احداث فرضت احترامها على معارضيها قبل مؤيديها .. تتمتع بكريزما غير عادية خصوصا فى عرضها لمواضيعها ومدى صبرها على المناقشة .. حوارنا مع المدونة الرائعة فانتا التدوين .. فانتزيا وورلد .. وهى ايضاً فانتزيا كمان وكمان .. ورئيسة تحرير مجلة مصر الجديدة ومؤسسة حركة انا مش مزة .. ونحن هنا نساء مصر التقدميات .. وعايزة اشهد


* متى كانت بداياتك مع التدوين ؟ وياترى ايه الدافع ؟؟
** البداية مع التدوين كانت مجرد فكرة، ولدت لدي منذ حوالي ثلاثة أعوام. لكنها لم تدخل حيز التنفيذ قبل مايو 2007. والسبب في ذلك هو الفرق الشاسع الذي وجدته بين المدونات المصرية ونظيرتها الاجنبية. وجدت المدونات المصرية تتسم في اغلبها بالعشوائية.. عشوائية المحتوى والاسلوب والفكر أيضا، ماعدا بعض النماذج القليلة التي كانت تنبيء بمحاولة الاتجاه نحو تدوين اكثر حرفية و أكثر تخصصا. ولاحظت خلو ساحة التدوين المصري من صوت نسائي يتبني قضايا المرأة بشكل يعكس جدية في التناول. كانت هناك محاولات متفرقة، واصوات نسائية تتمتع بالموهبة والرغبة في إيصال صرخة إلى المجتمع، لكن كان ينقص هذه التجارب عنصر التحليل الجاد والسعي وراء اهداف محددة من خلال الكتابة. تدريجيا بدأت الفكرة تلح على ذهني وبدأت أحاول التعرف على كيفية انشاء مدونة، وقد كان أن أنشأت أول مدوناتي بالانجليزية. ثم بعد ذلك وبتشجيع كبير من زوار المدونة انشأت لها نسخة عربية، ثم توالت المدونات

* سر اختيارك لاسم فانتزيا ؟
** فانتازيا كلمة سحرية، يمكن ان تعكس معاني عديدة. فقد تعني في سياق معين الخيال المفرط، وفي سياق آخر قد تعني الحلم، وبين هذا وذاك يتأرجح الطموح في حصول المرأة على حقوقها الكاملة. بالنسبة لي، فانتازيا هي المساحة التي ينمو بها الحلم، الذي قد يبدو خياليا في نظر البعض، حتى يتم نضوجه ويتحول إلى واقع . وأنا أعبر من خلال كتاباتي عن هذا الحلم.. حلم بغد أفضل، حلم بمجتمع صحى وإنسانى، حلم بالحرية، حلم بقوة القلم، حلم بعالم ليس به مستحيل

* أرى أن مدونة فانتزيا وورلد تهتم بقضايا المرأة من جميع الجوانب فهل لديكى هدف معين تتمنى الوصول إليه ؟؟
** بالطبع.. فأنا كتاباتي لا تندرج تحت بند الفضفضة أو مجرد سرد تجارب شخصية.. بل هي مقالات تحليلية، تعتمد في اغلبها على تجميع مادة علمية واحصائيات وخلاصة قراءات متوسعة ونظريات فلسفية معقدة، ولكن كل ذلك احرص على صياغته في قالب من النقد الاجتماعي وباسلوب مبسط جدا، يسهل وصوله للقاريء أيا كان سنه وأيا كانت خلفيته الثقافية. والهدف هو نشر الوعي بحقوق المرأة، خاصة بين الفتيات الشابات اللاتي ينشأن في مجتمع يزرع داخلهن الاحساس بالدونية ويقوم بممارسة الضغوط والترهيب احيانا لهز ثقة الانثى في نفسها و خفض سقف طموحها

* برأيك هل المرأة حققت تقدم ووصلت إلى ما تصبو إليه فى المجتمع ؟؟
** لا.. وهذا ليس تشاؤما أو انكارا لما يمكن للمرأة أن تحققه الآن مقارنة بسنوات مضت. وإنما أنا أقوم بالقياس في ظل معطيات محددة. فأنا لا اقارن المرأة اليوم بالمرأة منذ 100 عام لأصل إلى نتيجة خادعة توحي بأن المرأة في مصر تخطو نحو التقدم. أنا أقارن هذا "التقدم" بما يتيحه الزمن الذي نعيش فيه وبما انجزته المرأة حول العالم في فترة المائة عام، مقارنة بما انجزته المرأة المصرية في نفس الفترة. والنتائج كلها تشير إلى أن وضع المرأة في مصر سيء ويهدد المجتمع كله بالتأخر والتصدع. المرأة هي نصف الموارد البشرية لأي دولة، ووضع المرأة في المجتمع هو ترمومتر دقيق يقاس به مدى تقدم الشعوب

* عندما تبرز مرأة فى مجالها وتصل الى مبتغاها فى ارتقاء منصب مرموق ، اول من يتوجه بالنقض لها سيدات حتى فى قضية كالتحرش الجنسى نجد من بين اصابع الاتهام التى تشير للمجنى عليها سيدات ، فما رأيك ؟ وكيف يتم توعيتهم حتى نستطيع العبور إلى بر الأمان ؟
** ملاحظة جيدة، مع التأكيد على عدم التعميم.
فعلا هناك سيدات تتحكم في دوافعهن مشاعر سلبية كالغيرة والرغبة في ممارسة نوع من الاضطهاد أو العنف المقنع ضد الاخريات. والسبب في ذلك هو التنشئة الخاطئة التي قد تؤدي بالمرأة إلى نبذ الانوثة، أو دعيني أقول نبذ نفسها، فالمرأة التي تقوم بذلك هي في الواقع تعاني من حالة عدم تقبل لذاتها. تعيش في حالة صراع داخلي مع كينونتها ومع طبيعتها كأنثى، فينعكس ذلك في شكل عنف توجهه ناحية الاناث الاخريات. فمثلا التنافس في العمل الذي قد يبدو وكأنه الدافع لوجود صراع بين زميلتين، هو في الواقع ليس تنافسا على اثبات الكفاءة أو على القيام بمهام المنصب ذاته، ولكنه مجرد فرصة تنتهزها المرأة الكارهة لذاتها لأن تعكس هذا الكره على امرأة اخرى، فتخلق لنفسها الاسباب لكره هذه المرأة. وهذا ايضا يتجسد في حالة عدم قدرة هؤلاء النساء على التعاطف مع الفتيات أو السيدات من ضحايا التحرش، بل والمبالغة في اظهار القسوة تجاههن. مثل هذا السلوك العدواني الذي قد يبدو غير مبرر هو ايضا نتيجة لعدم قبول الذات. لأن الكاره لنفسه لا يعتقد انه يستحق التعاطف، فهو في نظر نفسه وضيع، كائن دوني، يستحق الازدراء. وهكذا
التوعية تبدأ مع تنشأة الطفلة الصغيرة في جو من الحب والرعاية والعمل على تعزيز ثقتها بنفسها. ولابد من نشر ثقافة المساواة، فالمناخ العام الذي تنشأ فيه المرأة يشجعها فيما بعد، حتى وإن عانت في مرحلة ما، على التغلب على الترسيبات النفسية التي قد تنتج عن التربية غير السليمة. كما أنصح كل النساء بالقراءة التي تنمي العقل وتصل به إلى نوع من النضج يمكنهن من معرفة انفسهن بشكل أفضل

- فانتزيا كمان وكمان من المهتمين جداً بالتثقيف والتنوير
* من وجهة نظرك يوجد أمل فى النهوض بالمجتمع والخروج من بؤرة تلبيس الدين بالسياسة ؟
حتى إن لم يكن هناك أمل، لابد ان نوجده. نحن شباب مصر الواعي المثقف الذي يملك مفاتيح العصر ويهتم بالشأن العام قادرون على خلق هذا الأمل، ولابد من أن نتمسك به. النهوض بالمجتمع هو مسؤوليتنا نحن، والآن. اتمنى من كل الشباب الذي يتفنن في النحيب ولعن الظلام طوال الوقت أن يكف عن ذلك ويتخطاه نحو الفعل الايجابي. لنوقد الشمعة بالله عليكم

* تواجهين دائما هجوم وردود افعال قاسية فى طرحك للقضايا التى وان انحنينا لها من السهل تهوى بالمجتمع الى القاع فما ردة فعلك تجهاها؟
** ما إن قررت وأنا في كامل قواي العقلية أن أطرح أفكاري على الملأ، فلابد أن اتوقع الهجوم وأن اتوقع القسوة. ما أقوله ليس من السهل على الجميع تقبله. لو كان مقبولا لما كنت بحاجة إلى أن اخوض هذه المعارك من أجل التعبير عنه. أنا أرمي أحجار في ماء راكدة، وأعرف تماما حجم الازعاج والقلق الذي قد يسببه ذلك للبعض. لذلك فأنا أتقبل كل الآراء واتعامل مع الهجوم بصدر رحب، لأني متفهمة اسبابه ودوافعه. لكني أعلم جيدا أن كل من يهاجمني يقرأني، ويقرأني باهتمام، ويتابع كتاباتي. قد يغير رأيه غدا، أو بعد غد، أو بعد عام أو عشرة، وقد لا يغيره على الإطلاق، لكنه يتأثر ويتفاعل، وهذا هو المهم

* كيف بدأت فكرة إنشاء مجلة إلكترونية ؟
** فكرة انشاء المجلة بدأت اثناء مناقشات عديدة مع مجموعة من كتاب المدونات، فقد لاحظنا أن انتاجنا المبعثر على مدوناتنا المختلفة سيحقق افادة أكبر في حالة تجميع هذا الانتاج في مكان واحد ومن خلال سياق محدد. كلنا رغم اختلافاتنا وتنوع اهتماماتنا يجمعنا حب الوطن والرؤية الليبرالية التي نرى من خلالها أملا في الاصلاح والتقدم

* وما سبب اختيار اسم مصر الجديدة ؟
** لأن هذا هو ما نطمح إليه. نريد بناء مصر جديدة لجيل جديد يستطيع أن يتعامل مع تحديات عالم جديد. مصر اصابها الجمود في نواحي عدة، والجمود في زمن التغير السريع والتقدم العلمي المذهل والطفرة التكنولوجية التي يعيشها العالم الحديث هو نوع من السير إلى الوراء. وكلما استمر الجمود كلما اتسعت الهوة واصبح من الصعب اللحاق بركب الحضارة. هذا هو أكبر خطر واعظم تحدي نواجهه

* هدف تتمنى تحقيقه ؟
امنياتي بلا حدود، خاصة مع طموح يبلغ عنان السماء واحلام كبيرة لبلدي. لكن الهدف الذي اتمنى ان يمتد بي العمر لأراه يتحقق هو احياء حركة تحرير المرأة في مصر وأن تقود المرأة المصرية بلدها نحو التنوير والتحديث

اشكرك جدا فانتا على هذا الحوار الشيق وتحية قلبية خاصة من اسرة مجلة وسط البلد
http://www.wostelbalad.com/modules.php?name=News&file=article&sid=155

2 comments:

أسماء علي said...

حوار راقي و رائع
لأن فانتازيا هي الضيفة
و المحاورة هي حنان الشريف
...
يزيد من احترامنا لشخصيتك أيتها الرائعة فانتازيا ..

دمتم بكل ود .

Fantasia said...

جزيل الشكر والامتنان يا دكتورة أسماء

خالص تحياتي ومودتي