Sunday

أسرار أكبر مؤامرة ف التاريخ - 1


حضرتوا كام فرح ف حياتكم ؟ كام جوازة منهم إنتهت بالطلاق ؟ هل فكرتوا إيه ممكن يكون السبب؟

لما كنت طفلة صغيرة، كانت فكرة حضور أي فرح حلوة ومثيرة جدا بالنسبالي. كنت دايما بحب أحتفظ بدعاوي اﻷفراح لان شكلهم كان شيك وجميل. بالنسبة للأطفال، الفرح دا حدث ضخم ومهم جدا, غير كل المعازيم التانيين. الفرح في عيون الأطفال حاجة تانية خالص. من أول ما كنت أعرف إننا معزومين علي فرح وأنا كنت أعد اﻷيام. في الفرح هقابل ناس كتير وكلهم لابسين أحلى لبس عندهم. الجو بيبقى مليان سعادة وبهجة غير عادية. الزفة وصوت الطبول العالي والفرقة اللي لابسة يونيفورم بيلمع, العريس والعروسة والنور مسلط عليهم من مصورين الفيديو اللي ماشيين قدام الزفة، الناس وهما محاوطينهم ومالين الدنيا تصقيف وزغاريد، الإيقاع المنتظم اللي بيدق كل ما العرسان يتحركوا خطوة لقدام. كل دا بيعمل جو من السحر اللي بيفضل ف ذاكرة الأطفال بالذات. العرسان نفسهم بيحتاجوا شريط الفيديو عشان يفتكورا تفاصيل الحفلة، لكن كل التفاصيل دي بتكون محفورة في ذاكرة الضيوف الصغيرين

الموضوع بيكون تجربة شديدة الخصوصية بالنسبة للبنات.. أنا فاكرة يوميها وأنا باصحي الصبح مبسوطة. وفي المدرسة، كنت باقول لكل أصحابي إني رايحة فرح. كنت باوصفلهم الفستان اللي هالبسه وهاعمل شعري إزاي. وياسلام لو قدرت أقنع ماما تديني بودرة أو أحمر شفايف! كنت باقولهم مين المغنيين والراقصات اللي هيحيوا الفرح. وكنت باقولهم كل حاجة أعرفها عن العروسة والعريس. الحصص كانت بتبقي طويلة أوي ف اليوم دا.. كان كل اللي شاغل تفكيري إني لسه هاروح مع ماما للكوافير اللي ف الغالب بيكون زحمة جدا ف اﻷيام دي, لان أغلب الأفراح كانت يوم الخميس. وابقى هاتجنن عشان ألبس فستان سندريللا والجزمة اللي بتلمع. أما الحفلة نفسها فكانت زي الحلم المبهر.. كنت بافضل أرقص زي سندريللا لغاية آخر لحظة. مكنتش باقدر أنام ليلتها من غير ما أفتكر كل حاجة حصلت في الحفلة بالتفصيل. بافتكر لما واحدة ست لطيفة (زي ما كنت فاكرة زمان) تقول لماما الجملة الشهيرة "عقبال البنوتة", وكنت بتبسط جدا ساعتها. ولو العروسة كانت واحدة قريبتنا، كنت بافضل أفكر هي ليه كان شكلها مختلف؟ دا أنا بصعوبة عرفتها بلون شعرها الجديد والمكياج التقيل. ليه عمرها ما جربت الحاجات دي قبل كدا؟ دا شكلها كان حلو أوي الليلادي, زي ما تكون نجمة سينما

صعب جدا دلوقتي أقيم أفكاري وأنا صغيرة وأحكم هل كان كويس إني أعيش ف دنيا اﻷحلام دي ولا كان أفضل إني أشوف الحقيقة؟ هل اﻷفضل للطفلة إنها تعيش في عالم مثالي حتي لو كان العالم دا مش موجود ف الواقع؟ وللا اﻷفضل إنها تعرف الحقيقة من البداية؟ هل السعادة في الواقعية وللا الخيال؟ هل كان اﻷفضل معرفة الحقيقة بدل صدمة إكتشافها بعد كدا؟ مش عارفة

بس اللي أنا متأكدة منه دلوقتي، إن الواحدة لو فضلت بنفس النظرة بتاعة اﻷطفال دي لحد ما تكبر تبقى مصيبة! دي جريمة!.. وتشجيع البنت على إنها تحتفظ بالصورة المثالية عن الجواز دا بيدخل ف حيز المؤامرة

أيوة من حق الأهل يهتموا بمستقبل بناتهم، ومن حقهم يحلموا بيوم جوازهم، وكمان من حقهم يبقوا عايزين بناتهم يكونوا أسرة تضمنلهم الإستقرارا النفسي والإجتماعي , وأحيانا المادي, بعد عمر طويل لما مايكونوش جنبهم. كل دا مفهوم جدا ومحدش يقدر يجادل فيه. أكيد طبعا هما مش عايزين غير مصلحتهم.. بس جرايم كتير بتحصل من تحت راس المبرر ده، من التسلط في التربية لغاية اللجوء للكذب وحجب الحقايق, ودفعهم لاتخاذ القرارات اللي هما شافينها أفضل ليهم

برامج التليفزيون اللي بتدعي إنها بتحلل أسباب إرتفاع معدلات الطلاق في مصر أغلبها بيقول إن المشكلة في إن الولاد والبنات مش بيكونوا قد مسئولية الجواز! تحليل سطحي وساذج واكليشيهي! أكيد مش كل البرامج, بس اﻷغلبية بيفضلوا بديكتاتورية عجيبة يقرروا إيه الأفضل للمجتمع، زي الأهل بالظبط. كمان بيتكلموا عن البنات الطموحة اللي إستقلالهم المادي بيخليهم يخاطروا باستقرار جوازهم. وبيقولوا إننا بنفتقد التقاليد والعلاقات اﻷسرية القديمة. (قصدهم ان الأهل يتدخلوا ف مشاكل ولادهم للصلح.) بيعملوا أي حاجة عشان يقنعوكي إن استمرار الجواز محتاج تضحيات وتنازلات وخلاص، ومنك انتي تحديدا. مش بيحاولوا يدوروا على جذور المشكلة. مع إن لو الجذور مصابة يبقي محدش يقدر ينقذ النبات اللي بينمو ده (اللي هو الاسرة اللي بتتكون).. ممكن تقدروا تطولوا حياة الفروع اللي فوق شوية، بس مش كتير. الحل الوحيد إننا نحفر ونحط إيدينا في الطين عشان نعرف إيه اللي تحت، وإلا هنخاطر بإننا نسيب عدوى خطيرة في التربة تدمر الزرع كله. درس الزراعة ده ممكن الاستفادة منه ف موضوع الجواز

هي الناس بتتجوز ليه؟ ممكن الإجابة تكون واضحة بالنسبالكم وفي الغالب أغلب الاجابات هتكون قريبة من التالي: "لإشباع إحتياجات إنسانية وإجتماعية وتكوين كيان معترف بيه اجتماعيا, وبالتالي الأسرة تقدر تعيش بتناغم مع المجتمع في ظل شبكة العلاقات الإجتماعية الأكبر". دا توصيفي أنا, اللي ممكن تختلفوا معاه. لكن لو شايفين إنه صح يبقي تعالوا نطابق ده باللي بيحصل ف الواقع

من الواضح إننا بعدنا عن الفلسفة الحقيقية اللي ورا الجواز.. ولما نبص علي الجواز في مصر هنلاقيه بعيد تماما عن اللي قلنا عليه. فيه في مجتمعنا ثقافة بتدي اﻷولوية للمظاهر الخارجية على حساب الجوهر والمعنى الحقيقي للأشياء. وعشان أوضح أكتر, فاسمحولي اقول ان المجتمع بيدفع الأفراد في إتجاه معين الهدف منه الوصول "للصورة" اللي المجتمع عايز يبان عليها. الشكل هو المهم. م الآخر, لازم كل واحدة فينا تكون نسخة من النموذج المتبع عشان يكون لها مكان وسط المجموعة المقبولة مجتمعيا. فيه مميزات كتيرة للي تتبع النموذج دا.. ف نفس الوقت, فيه عقوبات كتير للي تخالفه. حتي لو كنتي موافقة ومؤمنة بنفس القيم المجتمعية، كل دا ملوش لازمة طول ما إنتي مش بتتبعي" الشكل" المطلوب

كبنت عايشة ف المجتمع المصري لازم تتبعي مجموعة من المتطلبات لو عايزة تنضمي لنادي النموذج المقبول. العضوية مضمونة لو بتنطبق عليكي الشروط التالية
متعلمة بس مش طموحة أوي
مطيعة للرجال والأكبر منك سنا
خجولة و منكسرة
مظهرك متدين
تتجوزي في سن صغير

ليه حطوا الجواز في سن صغير؟ علشان دا اللي الرجالة عايزينه. الرجالة دايما عايزين يتجوزوا بنات سنهم صغير. ولو حصل وكسرتي القواعد اللي قلنا عليها, ف إنتي بتقللي من فرص الإختيار عند الرجالة. لو كل بنت متحطيتيش تحت ضغط إنها لازم تتجوز في سن صغير، في الغالب هتختار إنها تأجل الجواز لغاية ما تحقق الإستقرار في شغلها ودرجة من الأمان المادي.. ساعتها هتعدي السن المفضل للجواز وهتهدد بإفساد سوق الجواز ع الرجالة. يبقى إيه الوضع لو انتي عملتي كدة وبعدين البنات التانية عجبتهم إنجازاتك واللي إنتي حققتيه في حياتك؟ البنات دول هيرفضوا عروض الجواز اللي بتجيلهم وهما لسه صغيرين عشان يقدروا يحققوا نفس النجاح. وممكن ييجي الوقت اللي فيه كل العرايس يكونوا بنات ناضجات بعد ما اتشكلت أفكارهم ومعتقداتهم, ده غير ان عندهم وظايف ثابتة, وبقوا مستقلين ماديا. أنا بقى أقدر أؤكدلكم إن الرجالة يفضلوا يموتوا قبل ما اليوم دا ييجي.. إزاي راجل يتجوز واحدة زيها زيه؟ لا هي ضعيفة ولا عديمة الخبرة ولا معتمدة عليه ماديا ولا عبيطة ومش فاهمة حاجة.. واحدة عندها ثقة ف نفسها وشعور بذاتها.. واحدة عندها دراية بالحياة وقدرة على الاستقلال.. واحدة ناضجة فكريا وليها طموحها وانجازتها الخاصة. دي تبقي كارثة

من هنا ابتدت أكبر عملية تمويه في التاريخ .. طب يعملوا إيه؟ إزاي يحطوكي في الفستان اﻷبيض قبل ما تبدأي تفكري في أي أهداف تانية؟ غسيل المخ وسيلة فعالة, أثبتت نجاحها. بس في الحالة دي غسيل المخ لوحده مش هيكون كفاية، لازم يكون فيه شئ مغري أكتر .. حاجة تخليكي متقدريش تقاومي.. ها؟ عرفتوها ولا اقولكم أنا؟ برافو عليكم.. الحاجة دي هي حفلة الزفاف.. الفرح

2 comments:

مريم said...

فانتازيا حقيقي انتي اروع عقلية عرفتها ياريت كل الناس وخاصة البنات يقروا ويعرفوا افكارك لان انا ليه اصحاب مش قادرين يحبوا نفسهم او يقدروها وكان نفسهم يطلعوا ذكور علشان يقدروا ياخدوا حقهم وبيبصوا لنفسهم باعتبار انهم اكثر اهل النار وده عنوان كتاب كانوا بيقروه كمان ، تحياتي ليككي وربنا يوفقك

Fantasia said...

العزيزة مريم

والله أنا اللي سعيدة بيكي جدا. قارئة بعين فاحصة وقدرة رائعة على ربط خيوط الموضوعات. فعلا عدم تحلي البنت بالثقة والاعتزاز بالنفس هو اللي ممكن يخليها تعيسة طول حياتها ويدفعها انها تأكد فكرة انها كائن دوني

أكتر أهل النار؟ وأكتر أهل الجنة مين؟.. إذا كان كل راجل في الجنة له مراته زائد 72 حور عين! تخيلي بقى عدد الستات في الجنة يبقى كام ضعف عدد الرجالة.. صحباتك دول هما اللي هيحولوا حياتهم في الدنيا إلى جحيم. شيء محزن

خالص تحياتي ومودتي